أنى أريد أن أصرح بمنتهى الوضوح بأننا لا نملك القوة الكافية لدفع المصريين إلى الخلف وأننا لا نملك القوة الكافية لإعادة المصريين عبر قناة السويس مرة أخرى.
إن المصريين يملكون سلاحا متقدما .. وهم يعرفون كيف يستخدمون هذا السلاح ضد قواتنا ولا اعرف مكانا فى العالم محميا بكل هذه الصواريخ كما هو عند مصر ..إن المصريين يملكون العديد من الأنواع المختلفة من السلاح .. وهم يستعملون كل هذه الأنواع بامتياز وبدقة متناهية .
إن المصريين يستخدمون الصواريخ المضادة للدبابات وللطائرات بدقة ونجاح تام .. فكل دبابة إسرائيلية تتقدم نحو المواقع المصرية تصاب وتصبح غير صالحة للحرب
ويستطرد وزير الدفاع الإسرائيلي يقول :
الموقف الآن هو أن المصريين قد نجحوا فى أن يعبروا إلى الشرق بأعداد من الدبابات والمدرعات تفوق ما لدينا فى سيناء .. والدبابات والمدرعات المصرية تؤيدها المدافع البعيدة المدى وبطاريات الصواريخ والمشاة المسلحون بالصواريخ الخاصة بالدبابات .
هذا.. واننى أقول صراحة بأن سلاحنا الجوى يواجه الكثير من المصاعب .. وإننا خسرنا الكثير من الطائرات والطيارين بسبب بطاريات الصواريخ والسلاح الجوى المصري .
لقد اكتشفنا هذه الحقيقة التى تواجه سلاحنا الجوى فى الأيام الأولى وعندما قمنا بمحاوله لدفع المصريين مرة أخرى عبر القناة إلى الغرب .
اننى أقول بمنتهى الصراحة .. بأننا لو كنا قد استمررنا فى محاولتنا لدفع المصريين عبر القناة مرة أخرى ..لكانت خسائرنا فى العتاد والرجال جسيمة لدرجة أن إسرائيل كانت ستبقى بدون أي قوه عسكريه تذكر .. فان هذا يعنى دخولنا معركة عسكرية لانملك فى الحقيقة لا نملك فى الحقيقة القوة الكافية لها
ويستمر ديان فى الحديث :
إن المصريين يملكون الكثير من المدرعات, وهم أقوياء .. وقد ركزوا قواهم طوال السنوات الماضية فى إعداد رجالهم لحرب طويلة شاقة بأسلحة متطورة تدربوا عليها واستوعبوها تماما .
ولهذا فإننا تخلينا عن خططنا الخاصة بدفع المصريين أو محاولة مواجهة القوات المصرية فى محاولات لدفعهم عبر القناة مرة أخرى.. كما أننا تخلينا عن خطط الهجوم فى الجبهة المصرية
وهذا معناه أننا تخلينا عن النقط الحصينة فى خط بارليف
لقد انسحبنا من هذا الخط ..كان جزء من الانسحاب عملا نظاميا ولكن فى غالبية الأحوال كان الانسحاب بسبب شدة وطأة الهجوم المصري .
واننى أمل فى أن تكون معظم قواتنا فى هذه النقاط الحصينة قد استطاعت الانسحاب لان خط بارليف قد انتهى كخط دفاعي , أو حتى لمجرد خط للتعويق .. وقد فقدنا معظم الاتصالات مع قواتنا الباقية فى بعض نقاط هذا الخط التى تحاصرها القوات المصرية .
إن خط بارليف لم يعد حقيقة بالنسبة لنا ..ونحن لا نملك القوة لطرد المصريين الذين احتلوه أو حطموه .. ولا نملك القوة لدفع المصريين مرة أخرى عبر القناة إلى الضفة الغربية .
ويعترف وزير دفاع إسرائيل مصرحا :-
· إن الأهم بالنسبة لنا وللعالم أننا – إسرائيل – لسنا أقوى من المصريين وأن هالة التفوق الإسرائيلي قد زالت وانتهت إلى الأبد .
· وبالتالي فقد انتهى المبدأ الذى يقول أن إسرائيل متفوقة عسكريا على العرب كما ثبت خطأ النظرية الإسرائيلية بأن العرب سينهزمون فى ساعات إذا أعلنوا الحرب ضد إسرائيل .. وهذا ما كانت تعيش عليه إسرائيل طوال السنوات التالية منذحربالأيام الستة!
· ولهذا فعلينا أن نقول هذه الحقيقة ونعلنها للشعب فى إسرائيل .. اننى سأوجه رسالة إلى الشعب الإسرائيلي لأقول له هذه الحقيقة ولكن بأسلوب أكثر حرصا وبكلام مدروس حتى لا يصاب فى معنوياته .
· المعنى الأهم التالي .. هو انتهاء نظرية الأمن الإسرائيلية بالنسبة لسيناء..وعلينا أن نعيد دراساتنا وان نعمل على التمركز فى أماكن دفاعية جديدة .. لان التفوق العسكري المصري فى سيناء الآن لا يمكن مواجهته .
· انه لا يمكن الاعتماد على سلاح الجو الإسرائيلي لمنع المصريين من التقدم جنوبا وشرقا , لأننا لا يمكننا أن نوقف المصريين تماما .
إننا سنقوم بالتمركز شرقا وجنوبا وسنركز كل قواتنا وخاصة القوات المدرعة أمام المصريين ولكن هذا التمركز الجديد يجب أن يكون خارج نطاق النار المصرية .. المدفعية والمدرعات وأسلحة المشاة . اى نتمركز فى خط دفاعي جديد . وبالتالي يكون انسحابنا من خطوط الدفاع الرئيسية لنا فى سيناء وسرعة إنشاء خطوط دفاعية . وعلينا أن نحسن موقفنا الدفاعي .
اننى لا استطيع أن أقدم صورة وردية على الجبهة المصرية لان الموقف بعيد كل البعد عن الصور الوردية .. وهذه حقيقة يجب أن يعلمها الشعب فى إسرائيل بعد أن علمها العالم كله
إن أمامنا مهمتين:
· الأولى والرئيسية هي: بناء خطوط دفاعية جديدة .
· الثانية طويلة المدى، وهى إعادة إستراتيجيتنا وبناء قوتنا العسكرية على أسس جديدة .
إننا الآن ندفع ثمنا باهظا كل يوم فى هذه الحرب .. أننا نخسر الحرب .. إننا نخسر يوميا عشرات الطائرات والطيارين والمعدات .. والدبابات..والمدرعات والمدفعية وأطقم هذه المعدات ..وهذا ثمن باهظ بالنسبة لإسرائيل
· إننا خسرنا مثلا مئات الدبابات حتى الآن فى المعارك المستمرة .. بعض هذه الدبابات وقعت فى يد المصريين .
· إننا خسرنا خمسين طائرة على مدى الأيام الثلاثة الأولى من الحرب , والخسارة فى الطائرات والطيارين مازالت مستمرة بمعدلات لم تكن أبدا فى حساباتنا .
· إننا نحتاج حاليا للمزيد من الطائرات ..والدبابات ..والمعدات.. إننا نحتاج إلى المزيد من الرجال أيضا .. رجال طيارين ..وأطقم للمدرعات . وأطقم للمدفعية.. ولأسلحة المشاة .
لقد خسرنا مئات الدبابات حتى الآن .. ولا يمكننا مواجهة المصريين بدون الحصول على المزيد من الأسلحة والعتاد وخاصة الطائرات والدبابات
علينا .. أن نفهم .. أننا لا يمكننا الاستمرار فى الاعتقاد بأننا القوة الوحيدة العسكرية فى منطقة الشرق الأوسط ..فان هناك حقائق جديدة وعلينا أن نعيش مع هذه الحقائق الجديدة .
لقد طرأت متغيرات كثيرة منذ السادس من أكتوبر ١٩٧٣ ..لذلك ينبغي ألا نبالغ فى مسألة التفوق العسكري الإسرائيلي.. بل على العكس فان هناك شعور طاغيا فى إسرائيل ألان بضرورة إعاده النظر فى علم البلاغة الوطنية ..إن علينا أن نكون أكثر واقعية وان نبتعد عن المبالغة . نوفمبر ١٩٧٣
اهارون ياريف مدير المخابرات الإسرائيلية الأسبق :-
لا شك أن العرب قد خرجوا من الحرب منتصرين .. بينما نحن من ناحية الصورة والإحساس قد خرجنا ممزقين وضعفاء, وحينما سئل السادات هل انتصرت فى الحرب ؟ أجاب ” انظروا إلى ما يجرى فى إسرائيل بعد الحرب وانتم تعرفون الإجابة على هذا السؤال .
حاييم هيرتزوج رئيس دولة إسرائيل الأسبق:-
إن حرب أكتوبر انتهت بصدمة كبرى عمت الإسرائيليين ولم يعد موشى ديان كما كان من قبل .. وانطوى على نفسه من ذلك الحين .. لقد كان دائما على قناعة بأن العرب لن يهاجموا وليس فى وسعهم أن يهاجموا .. وحتى فى غمرة الاختراق المصري لم يعترف ديان بخطأ تحليلاته.. لقد أصبح ديان شخصيه من طراز هملت يمزقه الشك والتردد والعجز عن انجاز القرار وفرض إرادته.. وكانت تلك الحرب بداية النهاية لحكومات العمل التى حكمت إسرائيل لمدة خمس وعشرين سنة , حتى ذلك الحين تماما .. مثلما كانت الحرب سببا فى إحداث تغييرات فكرية فى عقلية القيادة الإسرائيلية.. التى بدأت تبحث عن طريق جديد وسياسة واقعية فى التعامل مع المشكلة عبر الحلولالسياسية .
(من مذكرات حاييم هيرتزوج )
لقد تحدثنا أكثر من اللازم قبل السادس من أكتوبر وكان ذلك يمثل إحدى مشكلاتنا فقد تعلم المصريون كيف يقاتلون .. بينما تعلمنا نحن كيف نتكلم .. لقد كانوا صبورين كما كانت بياناتهم أكثر واقعية منا .. كانوا يقولون ويعلنون الحقائق تماما حتى بدا العالم الخارجي يتجه إلى الثقة بأقوالهم وبياناتهم .
“ من تعليقات هيروتزوج – نوفمبر ١٩٧٣ “
ناحوم جولدمان رئيس الوكالة اليهودية الأسبق:-
إن من أهم نتائجحربأكتوبر ١٩٧٣ أنها وضعت حدا لأسطورة إسرائيل التى لا تهزم .. وللتفوق العسكري المطرد لإسرائيل فى مواجهة العرب .. كما كلفت هذه الحرب إسرائيل ثمنا باهظا – حوالي خمسة مليارات دولار- وأحدثت تغييرا جذريا فى الوضع الاقتصادي فى الدولة الإسرائيلية .. التى انتقلت من حالة الأذهار التى كانت تعيشها قبل عام إلى أزمة بالغة العمق كانت أكثر حدة وخطورة من كل الأزمات السابقة .. غير أن النتائج الأكثر خطورة كانت تلك التى حدثت على الصعيد النفسي .
لقد انتهت ثقة الإسرائيليين فى تفوقهم الدائم كما اعترى جبهتهم المعنوية الداخلية ضعف هائل .. وهذا اخطر شيء يمكن أن تواجهه الشعوب وبصفة خاصة إسرائيل وقد تجسد هذا الضعف فى صورتين متناقضتين أدتا إلى استقطاب إسرائيل على نحو بالغ الخطورة .. فمن ناحية كان هناك من بدئوا يشكون فى مستقبل إسرائيل , ومن ناحية أخرى لوحظ تعصب وتشدد متزايد يؤدى إلى ما يطلق اسم “عقدة الماسدا ” ( القلعة التى تحصن فيها اليهود أثناء حركة التمرد اليهودية ضد الإمبراطورية الرومانية , ولم يستسلموا وماتوا جميعا ) .
” من كتاب “إلى أين تمضى إسرائيل” .
ابراهام كاتزير رئيس دوله إسرائيل الأسبق :-
لقد كنا نعيش فيما بين عام ١٩٦٧,١٩٧٣ فى نشوة لم تكن الظروف تبررها, بل كنا نعيش فى عالم من الخيال لا صلة له بالواقع . وهذه الحالة النفسية هي المسئولة عن الأخطاء التى حدثت قبل حرب أكتوبر , وفى الأيام الأولى للحرب , لأنها كانت قد تفشت فى كل المجالات العسكرية والسياسية والاجتماعية , وأحدثت فيها مواطن ضعف خطيرة يجب على الإسرائيليين جميعا أن يتحملوا مسئوليتها , وعلينا أن نتعلم بعد هذه الحرب الفظيعة أن نكون أكثر تواضعا وقل نزوعا إلى المادية , كما يتحتم علينا أن نبذل كل طاقاتنا لأزاله الفجوة الاجتماعية , والتغلب على المادية التى أحدقت بنا .
الجنرال الإسرائيلي اليعازر رئيس الأركان الإسرائيلي ١٩٧٣:-
إن حرب أكتوبر هيحربتختلف عن كل الحروب التى خضناها ضد العرب . كانت المبادرة دائما فى أيدينا , وكان التحرك بالنسبة لنا أمرا سهلا لأننا نحن الذين كنا نهاجم , ولكن هم الذين هاجموا . ومعنى ذلك أن التوقيت لهم والهجوم لهم , أما المفاجأة فهي التى لنا . وأصبح علينا أن ندافع , وهذا أمر مرير كان يحز فى نفوسنا
الجنرال الإسرائيلي يشيعا جافيتش:-
بالنسبة لإسرائيل فى نهاية الأمر انتهت الحرب دون أن نتمكن من كسر الجيوش العربية..لم نحرز انتصارات .. لم نتمكن من كسر الجيش المصري أو السوري على السواء .. ولم ننجح فى استعادة قوة الردع للجيش الإسرائيلي .. وأننا لو قيمنا الانجازات على ضوء الأهداف ..لوجدنا أن انتصار العرب كان أكثر حسما .
ولا يسعني إلا الاعتراف بأن العرب قد أنجزوا قسما كبيرا للغاية من أهدافهم .. فقد اثبتوا أنهم قادرون على التغلب على حاجز الخوف والخروج إلى الحرب والقتال بكفاءة ..وقد اثبتوا أيضا أنهم قادرون على اقتحام مانع قناة السويس ولأسفنا الشديد فقد انتزعوا القناة من أيدينا بقوة السلاح .
“ ندوة عن حرب أكتوبر بالقدس ١٩٧٤-٩-١٦
أمنون كابيليوك معلق عسكري إسرائيلي :-
تقول الحكومة البريطانية ” كلما كان الصعود عاليا كان الدرس قاسيا ” وفى السادس من أكتوبر سقطت إسرائيل من أعلى برج السكينة والاطمئنان التى كانت قد شيده لنفسها .. وكانت الصدمة على مستوى الأوهام التى سبقتها قوية ومثيرة .. وكأن الإسرائيليون قد أفاقوا من حلم طويل جميل لكي يروا قائمة طويلة من الأمور المسلم بها .. والمبادئ والأوهام والحقائق غير المتنازع عليها ..التى امنوا بها لسنوات عديدة .. وقد اهتزت بل وتحطمت فى بعض الأحيان أمام حقيقة جديدة غير متوقعه وغير مفهومه بالنسبة لغالبية الإسرائيليين , و